تِفن، زعتر، وزيارة للمشفى

أتوقع هذا أغرب عنوان كتبته لتدوينة، هذا لأني قررت دمج تدوينتين في تدوينة واحدة لتصير تدوينة طويلة من السوالف الغير ضرورية.

بداية الأسبوع بعد عودتي من جولات المشي والجري مررت بالسوق لشراء أداة فرد العجين، أمّي تسميها محور، لا أعرف ماذا يسمّيها النّاس؟ شوبك ربما؟

وجدتُ عند البائع أشكال عديدة من حافظات الطعام، وكنتُ أحسبها في رأسي هكذا: لنتجنب البلاستك، والزجاج ثقيل وأخشى كسره.. إذن المعدن! المعدن أنسبهم.

كانت هناك أحجام عديدة، لكن الحجم المناسب لي كان في حافظة تِفن، عدة حافظات فوق بعض تغطي كلٌ منهم الأخرى وفي النهاية يقفلون بحاملٍ واحد.. هذه الحافظات تُستخدم في الهند وكنت أرى العمّال في الخليج يحملونها وقت الغداء.

واحد من أفلامي الهندية المفضلة يدور حول علبة الغداء هذه، شاهدتهُ مرتين ولا أمانع في مشاهدته مرةً ثالثة!

تعدّ زوجة علبة الغداء إلى زوجها، فتصل العلبة الخطأ إلى رجلٍ وحيد.. وهنا تبدأُ القصّة (:

سألتُ البائع عن سعر العلبة، فقال لي ١٥، لكن لأجلك ب١٣، فقلت له اجعلها ب١٥ مع محور العجين “محور العجين ب٣”، فقال لي: لا، ١٦. قلت له إذن لا أرغب بالعلب، فقط محور العجين، فرضخ وقال خذ كلاهما ب١٥.

وهنا كانت أول مكاسرة في حياتي من غير أن أقصد!

أخبرتُ أمّي بالقصّة فضحكت، وهنا تخيلوا فقط كمية السوالف الغير ضرورية التي تنزل عند أمّي.. مذ أن تعلمتُ الحديث!

تذكرت حينما كنتُ أرافق أمّي في طفولتي إلى الأسواق المفتوحة كهذا، كانت أمّي تسأل الباعة عن سعرٍ أقل فيخفضون لها، وبعدها تدفع لهم السعر الأساسي قبل التخفيض لأن ضميرها يؤنبها وتخشى بخس حقهم! فتدخل أمي والبائع في حلقة لا نهائية من الـ”لا، خليها عندك”.

هذه هي أمّي..

في الصباح التالي استيقظت، وفكّرت بما أنّي ترقيت.. وصار عندي خميرة ومحور، لأحضر شيئًا مميزًا!

بعدما انتهيت جمعتهم في علبتي الفخمة جدًا والجديدة.

موعدي في المشفى في الديار كان في ديسمبر، ولأني محظوظ صادف الموعد إجازة! لهذا كان بإمكاني العودة إلى الديار، وحضور الموعد في المشفى الذي فيه ملفي وتاريخي الكامل.. ببساطة.. مع طبيبتي، وتظهر نتائج التحاليل في نفس اليوم.

لكن من الواضح أني لم أفعل هذا، لأني أحبّ التعقيد، أو لأني أحب البساطة!

المهم، أتوقع أن عائلتي طلبوا منّي زيارة المشفى لأجل هذه التحاليل من شهرين ممكن؟ من اليوم الذي وطأت فيه قدماي هذه البلاد؟ أو من قبلها حتّى ربما؟ لكني لم أفعل. لأنني لم أكن متحمسًا لزيارة المشفى أو شيء من هذا القبيل.. ربما؟

المهم، حاولتُ حجز موعد لأخذ التحاليل من بداية ديسمبر، والموعد كان في منتصفه تقريبًا.. ولم أستطع! (: الموضوع أخذ وقتًا أكثر مما كنتُ أتوقع.. وحينما قرروا أخيرًا إعطائي موعدًا، أعطوني موعدًا عن بعد! وهنا وقفت مع نفسي وضحكت، لو احتجت موعداً “عن بعد” لكلّمت الممرضة المسؤولة عن ملفي في الديار وتواصلت مع طبيبتي بشكلً مباشر.. وبسيط.

ماعلينا، الأمور هنا مختلفة.. أخذت الموعد عن بعد ووضحت لهم ما أحتاج، أعطوني موعدًا حضوريًا ورحت.

في الليلة التي تسبق الموعد حصلت الكثير من الأمور التي أرهقتني، كنتُ أحاول تهدئة نفسي لأن الهدوء مهم لكنني لم أستطع.. فتحتُ البريد الإلكتروني الجامعيّ ووجدتُ رسالةً من أحد زملائي واستغربت لأننا في إجازة ولا نتراسل في العادة.. وكان هذا محتوى الرسالة! (:

الرسالة بددت كلّ التعب وأسعدتني، حتى ولم أكن أحتاج أي شيء! كون شخص يذكرك في سفره.. يكفي. وأنا أعيش لأجل مثل هذه اللفتات ولأجل مثل هالنّاس الطيّبة، جزاه الله كلّ الخير..

يوم الموعد، ولا أي نقطة حمّاس.. لا أنزعج من المشفى نفسه ولكن دخول مشفى جديد، بنظام جديد، في بلد جديد.. يصيبني بالدوار قليلًا.

المهم، دخلتُ مباشرةً.. أسئلة عادية، فحوصات عادية.. عينات عادية، كل شيءٍ عاديّ حتّى جاء وقت عينة البول أكرمكم الله، وهذه من أكثر السوالف الغير ضرورية.. لكنني -ولسوء حظكم- فاتح المدونة فقط لأجمع فيها كلّ الكلام الذي لا أعرف أين أودي به.. وهذا أحده!

أتذكر أحد الأطباء، الله يذكره بالخير، من الأطباء الذين أقدرهم جدًا وأقدّر حديثه معي.

كنتُ أجلسُ أمامه، وكان ينظرُ إلى نتائج تحاليلي عبر الشاشة.. فرمى نظرةً باتجاهي وباتجاه الشاشة مرةً أخرى، ثمّ استدار وسألني” يا بحر، أنت إذا جيت تاخذ عينة بول.. وش تسوي بالضبط؟”

“ها يا دكتور؟”

ههههههههههههههه أخ يالإحراج! يبدو أن النتائج كانت غريبة لهذا عدنا التحليل، قال لي لا بأس يبدو أنه لم يخبرك أحدٌ من قبل كيف تأخذ العينة، فعلّمني.. لهذا صرتُ أتذكره دائمًا.

المهم، نعود إلى الواقع الحاضر.. حينما جاء وقت العينة هذه أعطتني المساعدة الطبية عدّة أشياء، أكواب، عينات داخلها محاليل، وأدوات.. وهذه أشياء كلّها جديدة عليّ.. لذا بدت ملامح وجهي تطلقُ استفهامات كثيرة، وأعتقد وصل بي الضياع مرحلةً حتّى شكّت المساعدة الطبية أنّي فهمت أن هذه عينة بول أصلًا، وهي تعرف أنّي طالبٌ أجنبي جديد، لذا..

قالت لي: تعرف.. تعرف البول؟ تعرف “وي وي”؟ قلت لها نعم لكن لا أعرف مالذي يتوجب عليّ فعله بهذه العينات، فشرحت لي.

عندما عدتُ، استوعبت الـ”وي وي” وجلستُ أضحك لثلاث دقائق ربما، لا أعرف لمَ البشر.. في كلّ الثقافات، يعطونها أسماء ظريفة!

أيضًا هذا أحد المواقف الذي يُشعرني أنّي جدًا.. جدًا صغير في هذا العالم، بسبب ارتباكي عند محاولة فهم شيء بسيط.

هو أنا صغير في العادة.. بس أحيانًا أصغر من أحيان أخرى xp

السالفة سخيفة؟ أعرف. لأني سخيف أصلاً.

شيءٌ آخر غير عاديّ؛ هو الرقم الذي ظهر عندما وقفتُ على الميزان (:

أرى وجهي، وأرى ملابسي الواسعة.. لكن الرقم الذي ظهر؟ باختصار أنا على حافة الوزن الطبيعي، نقص في الوزن ولا أعرف كيف وصلتُ هنا.

لا رغبة لي بأن أنزعج من أجل نقصانٍ في الوزن، لهذا.. إن كانت نتائج التحاليل طيّبة إن شاءالله، سأحرص على الغذاء أكثر.. وسأزيد من وقت الرياضة وشدتها أملًا في بناء القوة وزيادة الشهية بعد بذل مجهودٍ أكبر.. وسأشتري حزامًا، وهذا كل شيء.. حُلّت المشكلة.

والآن، ستنتظر هذه التدوينة -كما أنتظر أنا- نتائج التحاليل حتى تُنشر، إن نُشرت هذه التدوينة فمعناها أن النتائج طيّبة.

هذه التدوينة كُتبت في بداية يناير وتُنشر اليوم، نتائج التحاليل أغلبها طيّبة ولله الحمد إلا من شيءً بسيط.. سنعمل على حلّه إن شاءالله.

يا نَفْس.. استقيمي.

6 ردود على “تِفن، زعتر، وزيارة للمشفى”

  1. سبع دقائق ممتعة برفقة تدوينتك.. نسيتُ الدراسة ومتاعب الأرق وتجهيزات الغد:)

    أُحب المناقيش، ذاك الحُب العميق الأبدي.. مع ملل الإخوة الكرام من أكلِه لكثرة تحضيري إلا أنني لا آبه بهذه الحقيقة؛ فمَن أراد تناول العشاء فاليتفضل أو ناموا بمعدة فارغة:/

    حمداً لله على سلامتك وسلامة النتائج، أكثِر من الخبز وسيعود وزنك إلى سابق عهده~_~

    ممتنة لنشركِ للتدوينة بهذا الوقت، عدَّلت من نفسيتي مع “سوالفك” اللطيفة، وآه صدقني أحاديثك ليست سخيفة بل ممتعة ومُهمة:)
    طبتَ مُعافى.⁩

    Liked by 1 person

    1. يسرّني أن التدوينة كانت ذا أثرٍ طيّب (:..
      أنا أيضًا أحبّ المناقيش! أنتظر نهاية الأسبوع لأحضرها مجددًا :d
      الله يسلمك من كل شرّ، آكل الخبز لكن لا يبدو أنه يجدي نفعًا xD

      شكرًا لكِ على قراءة التدوينة! وقد تكون أحاديثي سخيفة ولطيفة في آنٍ واحد xp

      طبتِ بكلّ خير، وفقك الله.

      Liked by 1 person

  2. تدوينه ظريفة…ماذا تقصد بالمناقيش؟

    Liked by 1 person

    1. شكرًا أنيس (:
      المناقيش هي نوع من الفطائر في بلاد الشام، عجينة بأنواع مختلفة مثل الزعتر، الجبن، اللحم.. وهكذا.
      هذه ساعة كاملة فقط عن المناقيش!

      إعجاب

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: